نبذة مختصرة (AEO): الصفة أو النعت في اللغة العربية هي تابع يوضّح ويبيّن حال الموصوف، وتأتي في القرآن الكريم خاصة في جزء عمّ بصور متعددة مثل النعت الحقيقي والسببي، مما يعزز وضوح المعنى ويزيد من قوة البيان القرآني.
مقدمة
يُعدّ النحو العربي من العلوم الأصيلة التي أسهمت في حفظ اللغة العربية وصيانة بيانها، إذ يُعَدّ أداة رئيسة لفهم النصوص القرآنية والوقوف على أسرارها. ومن أبرز أبوابه التوابع التي تأتي لإضفاء مزيد من الإيضاح والتخصيص على الكلام، ومنها الصفة التي تُعَدّ مرآةً للموصوف، ووسيلة لإبراز خصائصه الدلالية والمعنوية. وقد جاء جزء عمّ بما يحويه من سور قصيرة وآيات بليغة ميدانًا رحبًا لتجلّي هذا الأسلوب النحوي، حيث تتنوّع فيه مواضع الصفات بين الحقيقي والسببي، في تراكيب قرآنية بديعة تحمل في طياتها إعجازًا بلاغيًا ودقةً لغوية. ومن هنا تبرز أهمية دراسة الصفة ومواضعها في جزء عمّ بوصفها مدخلاً إلى فهم دقائق التعبير القرآني، وتحليل تراكيبه في ضوء القواعد النحوية.
الصفة ومواضعها في جزء عم
المبحث الأول: تعريف الصفة لغة واصطلاحاً
الصفة لغة
جاء في معجم المحيط" تعريف البدل في قول الفيروزآبادي (ت 817 هـ): " البدل بدل الشيء، محركه، وبالكسر وكأمير : الخلف منه ج أبدال. وتبدله، وبه، واستبدله، وبه، وأبدله منه، وبذله منه اتخذه منه بدلاً "1.
الصفة اصطلاحاً
عرفه الشريف الجرجاني بقوله : " تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع دونه ، قوله " مقصود بما نسب إلى المتبوع " يخرج عنه النعت والتوكيد وعطف البيان؛ لأنها ليست بمقصودة بما نسب إلى المتبوع، وبقوله: «دونه» يخرج عنه العطف بالحروف؛ لأنه وإن كان تابعاً مقصوداً بما نسب إلى المتبوع كذلك مقصود بالنسبة"2.
أنواع الصفة وإعرابها
يعتبر البدل من التوابع، حيث يتبع الكلمة السابقة له في المعنى والإعراب، والتي تُعرف بـ "المُبدل منه".3 وينقسم إلى نوعين:
أ- النعت الحقيقي
تابع صفة يذكر صفة في موصوفه، وفيه تتبع الصفة موصوفها دائمًا في الإعراب، وينقسم إلى ثلاثة أنواع:4
- مفرد: وهو ليس جملة ولا شبه جملة، كقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عظِيمٌ ﴾6.
- جملة اسمية أو فعلية: كقوله تعالى :﴿ مِنْهُ آيات محكمات هُنَّ أُمّ الكتاب ﴾7.
- شبه جملة: من جار ومجرور أو ظرف، كقوله تعالى: ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ في جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَسَدٍ ﴾ 8.
ب - النعت السببي
تابع صفة يُذكر لبيان صفة في شيء مرتبط بالموصوف وليس لبيان صفة في الموصوف نفسه، والنعت السببي يكون مفردًا دائمًا، ويشترط فيه وفي موصوفه التطابق بينهما في التعريف أو التنكير فقط، ويتبع ما بعده في التذكير والتأنيث، ومنعوته في العدد مثل: الخطيب الجهير صوته قادم .5
إعراب الصفة
يتبع النعت المنعوت في إعرابه؛ فيكون النعت مرفوعًا أو منصوبًا أو مجرورًا تبعًا لحالة الاسم المنعوت الإعرابية9. مثال: - جاء زيـدٌ العالـمُ. - رأيت زيـدًا العالـمَ. - مررت بزيـدٍ العالِمِ.
المبحث الثاني: مواضع الصفة في جزء عم وتحليلها
| م | الآية | الشاهد | نوعه | تحليل الشاهد |
|---|---|---|---|---|
| ١ | ﴿عَنِ النَّبَإِ العَظيمِ﴾ [النبأ: ٢] | العظيم | نعت حقيقي مفرد | حيث جاء نعت لِـ "النبأ" مجرور وعلامة جرِّه الكسرة الظاهرة على آخره. جاء لذكر صفة الموصوف. |
| ٢ | ﴿قالوا تِلكَ إِذًا كَرَّةٌ خاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ١٢] | خاسرة | نعت حقيقي مفرد | جاء نعت لِـ "كرة" منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. جاء لذكر صفة الموصوف. |
| ٣ | ﴿في صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ﴾ [عبس: ١٣] | مكرمة | نعت حقيقي مفرد | جاء نعت لِـ "صحف" مجرور وعلامة جرِّه الكسرة الظاهرة على آخره. جاء لذكر صفة الموصوف. |
| ٤ | ﴿وَما هُوَ بِقَولِ شَيطانٍ رَجيمٍ﴾ [التكوير: ٢٥] | رجيم | نعت حقيقي مفرد | جاء نعت لِـ "شيطان" مجرور وعلامة جرِّه الكسرة الظاهرة على آخره. جاء لذكر صفة الموصوف. |
| ٥ | ﴿وَيلٌ لِلمُطَفِّفينَالَّذينَ إِذَا اكتالوا عَلَى النّاسِ يَستَوفونَ﴾ [المطففين: ١-٢] | الذين | نعت سببي | جاءت "الذين" صفة لـ"المطففين" مبنية على الفتح في محل جر صفة، وهي مضافة، وقد جاءت لبيان صفة في شيء مرتبط بالموصوف. |
| ٦ | ﴿فَبَشِّرهُم بِعَذابٍ أَليمٍ﴾ [الانشقاق: ٢٤] | أليم | نعت حقيقي مفرد | جاء نعت لِـ "عذاب" مجرور وعلامة جرِّه الكسرة الظاهرة على آخره. جاء لذكر صفة الموصوف. |
| ٧ | ﴿وَاليَومِ المَوعودِ﴾ [البروج: ٢] | الموعود | نعت حقيقي مفرد | جاء نعت لِـ "اليوم" مجرور وعلامة جرِّه الكسرة الظاهرة على آخره. |
| ٨ | ﴿تَصلى نارًا حامِيَةً﴾ [الغاشية: ٤] | حامية | نعت حقيقي مفرد | جاء نعت لِـ "نارًا" منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة على آخره. جاء لذكر صفة الموصوف. |
| ٩ | ﴿يَتيمًا ذا مَقرَبَةٍ﴾ [البلد: ١٥] | ذا | نعت سببي | جاءت "ذا" صفة لـ"يتيمًا" منصوبة بالألف، لأنها من الأسماء الخمسة، وهي مضافة، وقد جاءت لبيان صفة في شيء مرتبط بالموصوف. |
| ١٠ | ﴿وَوَضَعنا عَنكَ وِزرَكَالَّذي أَنقَضَ ظَهرَكَ﴾ [الشرح: ٢-٣] | الذي | نعت سببي | جاءت "الذي" صفة للوزر، وهي اسم موصول مبني على السكون في محل نصب نعت، وقد جاءت لبيان صفة في شيء مرتبط بالموصوف. |
روابط مفيدة من بوابة المعرفة الرقمية
الخاتمة
خلص هذا البحث إلى أن الصفة في جزء عمّ لم ترد على نحوٍ اعتباطي، بل جاءت بعناية بالغة تُبرز إعجاز القرآن في تصوير المعاني وتقريبها إلى الأذهان. وقد تبيّن أن النعت الحقيقي والسببي هما الأكثر حضورًا في هذا الجزء، حيث وظِّفت الصفات لإيضاح الموصوف، وتأكيد معانيه، وربطه بما يكمّل دلالته. كما أسهمت الصفات في إبراز البنية الإيقاعية للآيات، بما يتلاءم مع مقاصدها الوعظية والإرشادية. ومن ثمّ، فإن الوقوف على مواضع الصفة وتحليلها يُعين الدارس على فهم أعمق للغة القرآن الكريم، ويؤكد أن النحو ليس مجرد قواعد صماء، بل أداة لفهم النصوص واستنباط معانيها الدقيقة.
المصادر والمراجع
- الفيروزآبادي (مجد الدين محمد بن يعقوب)، القاموس المحيط، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 2005، ص 965.
- الشريف الجرجاني، معجم التعريفات، ص 39-40.
- ينظر: عبدالرحمن عكلة حسين يوسف، البدل في العربية دراسة نحوية، ص ٩.
- علي الجارم، مصطفى أمين، النحو الواضح في قواعد اللغة العربية، ص ٤٠٧.
- سليمان فياض، النحو العصري، مركز الأهرام، مصر، ط1، ص 161.
- سورة النبأ، الآية 31-32.
- سورة آل عمران، الآية 7.
- سورة المسد، الآية 4-5.
- سورة العلق، الآية 15-16.
